منوعات

“الاعتذار” فرصة ذهبية تُفيد الحريري ولا تضرّه

في الوقت الذي تطرح فيه الكثير من السيناريوهات عن تداعيات كارثية على واقع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، في حال إعتذاره عن مهمة التأليف، هناك من يرى أن هذه الخطوة قد تكون فرصة ذهبية له، في حال إستمرار الواقع على ما هو عليه اليوم، حيث سيكون نجح في إعادة الكرة إلى ملعب رئيس الجمهورية ميشال عون في مرحلة بالغة الدقة.
من وجهة نظر أصحاب هذا الرأي، فإن أساس ذهاب سعد الحريري إلى هذه الخطوة يكمن بعدم القدرة على تأمين حصول الحكومة التي من المفترض أن يشكلها على الدعم الدولي والخليجي المطلوب لتفادي الإنهيار المنتظر، مع إقتراب موعد الذهاب إلى رفع الدعم، أو ما يُسمّى بترشيده، والذي هو بالحقيقة لا يمتّ إلى الترشيد بصلة، نظراً إلى أن هذا الأمر لا يمكن أن يحصل من دون الضوء الأخضر السعودي، بينما المملكة لا تزال تبدو غير مهتمة في الملف اللبناني أو لا تعتبره أولوية بالنسبة لها خاصة في هذا التوقيت الذي تُجري فيه مباحثات مع إيران في العراق، يشكّل الملف اليمني أبرز عناوينها.
إنطلاقاً من ذلك، يصبح الإعتذار هو البوابة التي تبعد رئيس الحكومة المكلف عن دائرة المسؤولية، نظراً إلى أن الإنفجار الإجتماعي والإقتصادي في ظل تكليفه يعني أنه يتحمل جزءاً منها، بينما في حال إعتذاره ستكون المسؤولية على عاتق كلّ من رئيسي الجمهورية ميشال عون و”التيار الوطني الحر” جبران باسيل، على قاعدة أنهما منعا فرصة تأليف حكومة برئاسة الحريري.
بالإضافة إلى ما تقدم، لا يبدو أن هناك مصلحة للحريري في رئاسة حكومة، في حال تجاوز كافة العراقيل المحلية، لا تكون قادرة على تأمين مقومات مواجهة الأزمتين المالية والإقتصادية، وبالتالي قد يكون من الأفضل إليه البدء بالتحضير للإنتخابات النيابية المقبلة من موقع المعارضة.
وفي هذا السياق ترى مصادر سياسية مطّلعة أن اعتذار الحريري في هذه المرحلة، في ظل غياب خريطة طريق واضحة لما بعد الإعتذار، سيُفيد الحريري ويضر العهد، مشيرة عبر “أحوال” إلى أن الكلام الشعبوي والعاطفي عن “انتصار” خصوم الحريري عليه بمعركة “التشكيل” لا يعكس حقيقة الواقع الذي يقول أن الحريري سيكون أكبر المستفيدين من الإعتذار بحال حصل في هذه المرحلة، وربّما اعتذاره قد يعني عدم وجود حكومة طيلة عهد ميشال عون.
رغم ذلك، تكشف المصادر أن رؤساء الحكومات السابقين لا يزالون حتى اللحظة معارضين لخيار الإعتذار، على اعتبار أنه سيسبّب نكسة للحريري في الشارع السنّي، وهو أمر قد لا يكون صحيحاً، لأن اعتذار الحريري قد يُعتبر تصرّفاً شعبوياً بحال عرف استغلاله لناحية توجّهه نحو المعارضة، لأن الحريري رغم كل ما يجري لا يريد “كسب” الحكومة حالياً، وخسارة الإنتخابات لاحقاً، فهو سبق له وأن جرّب هذا الخيار إبان الإنتخابات النيابية الماضية التي كان أبرز الخاسرين فيها.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى